الجريء غير قادر والقادر غير جريء
في عام 2008 قُبيل إقامة الاتحاد في منطقة الجليل الأدنى لاحقا “مياهكم” قررتُ ان أتقدمَ لوظيفةِ مدير عام الاتحاد لإنشاء وإقامة اتحاد، يعني في البنية التحتية في بلدات المنطقة ومن بينها مسقط رأسي “طرعان”، فلطالما أرقني كثيرا موضوع تزويد المياه وخدمات الصرف الصحي في بلداتنا العربية والتي لم ترتقي في تلك السنوات للحد الأدنى المطلوب.
عندما سألت يومها من قبل اللجنة لماذا تريد ان تصبح مديرًا للاتحاد؟ أجبتهم بجملة لا زالت حاضرة في ذهني ” الجريء غير قادر والقادر غير جريء ” بمعنى من يتقلد هذه المناصب لا يستطيع الدفع قدما في تطوير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، ومن يستطيع إدارة مهام عصيبة كهذه لا يجرأ على هذه الوظائف لتعقيد وصعوبة التحدي، وهكذا بدأنا مع تنبؤات كثيرة بالفشل، كانت الأوضاع مزرية للغاية، أوضاع البنية التحتية للمياه والصرف الصحي تحتاج الى أموال طائلة، بينما نحن في قرى بوضع اقتصادي متدني، وحتى فتح حساب بنكي لم يكن ممكنا بسهولة في تلك الأيام، ولا أغالي في ذلك، فلقد رفضت البنوك التجارية المخاطرة وفتح حساب بنكي لشركة الاتحاد الناشئة واضطررت يومها لفتح حساب بنكي في بنك البريد كحساب بنكي رسمي لشركة مياهكم الناشئة.
لم تمضي شهور على تلك المعاناة، حتى شرعنا في تنفيذ مشاريع كبيرة في البنية التحتية، وسرعان ما تجاوزنا عقبات كبيرة، ومسألة تزويد المياه وتدفقها لم يعد من هموم سكان المنطقة، لكنني اصطدمت بعقبة كبيرة، لقد اكتشفت ان بلدات الاتحاد جميعها على اللائحة السوداء لمنع تطويرها الاسكانيّ لحين ايجاد حلول لمياه الصرف الصحي، وذلك بسبب الأوضاع المزرية لمحطات ضخ مياه الصرف الصحي، الانابيب القطرية التي كانت بالية منذ سنوات، معامل تطهير مياه الصرف الصحي، وهكذا بدأنا في تطوير وترميم الأنابيب القطرية للصرف الصحي ومحطات الضخ، وكذلك اتخذت قرارًا بتحويل إدارة معمل الشجرة، وكان تحديًا كبيرًا، اذ تعرضتُ في تلك الفترة للاستدعاء مع أولى ايامي في العمل بسبب فيضان مياه الصرف الصحي بشكل فوضوي، ولكننا خضنا هذه التحديات بعزيمة كبيرة وبدأنا تطوير البنيّة التحتيّة بما فيها معمل الشجرة لمعالجة مياه الصرف الصحي، وفي عام 2012 أزيلت جميع العقبات امام تطوير الإسكان.
وكما يقال ” عليك ان تحب ما تفعل لكي تفعل ما تحب” احببنا عملنا، وتابعنا الإنجاز تلو الإنجاز، وصولا الى مرحلة الاستقرار، بل ووقع علينا الاختيار ان نكون أول اتحاد يضم اليه بلدات واتحادات أخرى، وفي عام 2022 تمكنا من انهاء مسار بيروقراطي طويل ومعقد، وضم مجلسي البطوف وبستان المرج الإقليميين مع 8 قرى إضافية لاتحاد مياهكم، وها نحن نخطو بخطى ثابتة لأضخم استثمار في السنوات القادمة وإدارة مشاريع محلية وقطرية عملاقة في البنى التحتية بميزانيات لم يسبق لها مثيل في المنطقة.
يقال «أعظم رصيد للشركة هم طاقم موظفيها» وهذه حقيقة راسخة في اتحاد مياهكم، انني افاخر بكفاءة طاقم الموظفين، الذين بذلوا كل طاقاتهم من اجل تطوير بلداتهم وبلدات الاتحاد عموما، فلهم مني جزيل الشكل على عملهم الدؤوب، كما اشكر جميع رؤساء المجالس المتعاقبين وأعضاء مجلس الإدارة على التعاون المستمر وصولا الى ما نحن عليه اليوم.
مع خالص الاحترام,
مدير عام مياهكم,
صلاح نصار
